26163 - حَدَّثَنَا بِشْر, قَالَ: ثَنَا يَزِيد, قَالَ: ثَنَا سَعِيد, عَنْ قَتَادَة, قَوْله: { وَإِذَا قِيلَ اُنْشُزُوا فَانْشُزُوا} يَقُول: إِذَا دُعِيتُمْ إِلَى خَيْر فَأَجِيبُوا. وَقَالَ الْحَسَن: هَذَا كُلّه فِي الْغَزْو. 26164 - حُدِّثْنَا عَنْ الْحُسَيْن, قَالَ: سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول: ثَنَا عُبَيْد, قَالَ: سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله: { وَإِذَا قِيلَ اُنْشُزُوا فَانْشُزُوا} كَانَ إِذَا نُودِيَ إِلَى لِلصَّلَاةِ تَثَاقَلَ رِجَال, فَأَمَرَهُمْ اللَّه إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ أَنْ يَرْتَفِعُوا إِلَيْهَا, يَقُومُوا إِلَيْهَا. 26165 - وَحَدَّثَنِي يُونُس, قَالَ: أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب, قَالَ: قَالَ اِبْن زَيْد, فِي قَوْله { وَإِذَا قِيلَ اُنْشُزُوا فَانْشُزُوا} قَالَ: اُنْشُزُوا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ: هَذَا فِي بَيْته إِذَا قِيلَ اُنْشُزُوا, فَارْتَفِعُوا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَإِنَّ لَهُ حَوَائِج, فَأَحَبَّ كُلّ رَجُل مِنْهُمْ أَنْ يَكُون آخِر عَهْده بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ: { وَإِذَا قِيلَ اُنْشُزُوا فَانْشُزُوا}.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا) إلى (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) قال: إذا قيل: انشزوا فانشزوا إلى الخير والصلاة. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (فَانْشُزُوا) قال: إلى كلّ خير، قتال عدوّ، أو أمر بالمعروف، أو حقّ ما كان. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وَإِذَا &; 23-246 &; قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا) يقول: إذا دعيتم إلى خير فأجيبوا. وقال الحسن: هذا كله في الغزو. حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا): كان إذا نودي للصلاة تثاقل رجال، فأمرهم الله إذا نودي للصلاة أن يرتفعوا إليها، يقوموا إليها. وحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا) قال: انشزوا عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قال: هذا في بيته إذا قيل انشزوا، فارتفعوا عن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فإن له حوائج، فأحبّ كلّ رجل منهم أن يكون آخر عهده برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: (وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا).
والثاني: وهو القول المشهور: أن المراد منه الرفعة في درجات الثواب ومراتب الرضوان. واعلم أنا أطنبنا في تفسير قوله تعالى: ( وعلم آدم الأسماء كلها) [ البقرة: 31] في فضيلة العلم ، وقال القاضي: لا شبهة أن علم العالم يقتضي لطاعته من المنزلة ما لا يحصل للمؤمن ؛ ولذلك فإنه يقتدى بالعالم في كل أفعاله ، ولا يقتدى بغير العالم ؛ لأنه يعلم من كيفية الاحتراز عن الحرام والشبهات ومحاسبة النفس ما لا يعرفه الغير ، ويعلم من كيفية الخشوع والتذلل في العبادة ما لا يعرفه غيره ، ويعلم من كيفية التوبة وأوقاتها وصفاتها ما لا يعرفه غيره ، ويتحفظ فيما يلزمه من الحقوق ما لا يتحفظ منه غيره ، وفي الوجوه كثرة ، لكنه كما تعظم منزلة أفعاله من الطاعات في درجة الثواب ، فكذلك يعظم عقابه فيما يأتيه من الذنوب ؛ لمكان علمه ، حتى لا يمتنع في كثير من صغائر غيره أن يكون كبيرا منه.
السؤال: فصل في تفسير قوله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} الإجابة: قوله تعالى: { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11]، خص سبحانه رَفْعَه بالأقدار والدرجات الذين أوتوا العلم والإيمان، وهم الذين استشهد بهم في قوله تعالى: { شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمًَا بِالْقِسْطِ} [آل عمران: 18]. وأخبر أنهم هم الذين يرَون ما أنزل إلى الرســول، هــو الحق بقوله تعالى: { وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ} [سبأ: 6]، فدلَّ على أن تَعَلُّم الحجة والقيام بها يرفع درجات من يرفعها، كما قال تعالى: { نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء} [يوسف: 76]. قال زيد بن أسلم: بالعلم. فَرَفعُ الدرجات والأقدار على قدر معاملة القلوب بالعلم والإيمان، فكم ممن يختم القرآن في اليوم مرة أو مرتين، وآخر لا ينام الليل، وآخر لا يفطر، وغيرهم أقل عبادة منهم، وأرفع قدرًا في قلوب الأمة، فهذا كُرْز بن وَبرَة [هو كرز بن وبرة الحارثي، أبو عبد الله، تابعي، من أهل الكوفة، يضرب به المثل في التعبد، دخل جرجان غازيا مع يزيد بن المهلب سنة 98هـ.